مهرجان البندقية السينمائي.. نجاحات وإخفاقات الأفلام العالمية في spotlight 2023

يشهد مهرجان البندقية السينمائي في دورته الـ88 تألقاً استثنائياً، إذ يعد هذا الحدث الأرقى بلا منازع في جدول المهرجانات السينمائية السنوية، فهو منصة انطلاق للأفلام المرموقة التي تتنافس على جوائز الأوسكار وتستقطب أنظار الجمهور لتحقيق إيرادات مرتفعة، ويجمع المهرجان هذا العام مجموعة من النجوم والمخرجين في أعمال مبدعة، حيث نشهد تحولات نوعية في أداء بعض النجوم.
في هذا المهرجان، يلتقي النجمين جورج كلوني وآدم ساندلر ليشاركا البطولة في الكوميديا “Jay Kelly” من إخراج نواه باومباخ، حيث يجسدان شخصيتي نجم هوليوود الأسطوري ومديره المخلص، بينما يسعى دوين جونسون “ذا روك” لنيل احترام الجمهور والنقاد كممثل جاد من خلال دوره أمام إميلي بلنت في فيلم “The Smashing Machine” من إخراج بيني سافدي، والذي يتناول سيرة ذاتية لمقاتل في رياضة الفنون القتالية المختلطة “MMA”، كما تعود النجمة جوليا روبرتس إلى الشاشة في فيلم الإثارة النفسية “After the Hunt” من إخراج لوكا جوادانيينو.
ويشهد المهرجان أيضاً عودة إيما ستون للتعاون مع المخرج يورجوس لانثيموس في فيلم “Bugonia” الغامض، بعد نجاحهما الكبير في فيلم “Poor Things”، كما تجمع المخرجة كاثرين بيجلو كل من إدريس إلبا وريبيكا فيرجسون وجاريد هاريس في فيلمها الجديد “A House of Dynamite”، بينما يعود المخرج جييرمو ديل تورو لإحياء قصة “Frankenstein” مع الفنان أوسكار إسحاق في دور الدكتور الشهير والنجم جايكوب إلوردي في دور الوحش.
من الأفلام التي تشهد تحولاً نوعياً لأداء النجم دوين جونسون هو فيلم “The Smashing Machine”، حيث يظهر فيه بشكل واضح تخليه عن شخصيته الهوليودية النمطية المبالغ فيها، ليقدم دوراً يعد نقلة نوعية على المستويين العاطفي والمزاجي، حيث يؤدي جونسون دور المقاتل مارك كير أحد الشخصيات الأساسية في صعود رياضة الفنون القتالية المختلطة إلى الشهرة خلال تسعينيات القرن الماضي، بينما الفيلم المبهر بصرياً “The Testament of Ann Lee” يقدم قصة تقليدية لسيدة تلعب دورها أماندا سيفريد، مؤسسة بريطانية لطائفة هاجرت من مانشستر إلى نيويورك في سبعينيات القرن الثامن عشر، وتحولت إلى فيلم موسيقي استعراضي زاخر بالحيوية.
أما الفيلم “Motor City”، فهو فيلم أكشن تجريبي تدور أحداثه في السبعينيات، حيث يظهر فيه الفنان آلان ريتشسون بدرجة أسطورية من الصمت، إذ لا ينطق سوى جملة واحدة طوال الفيلم، بينما يعتمد الفيلم بشكل كبير على المشاهد الصامتة والمونتاج والحركة البطيئة، ويقدم قصة بسيطة لبطل يقع في الحب ويُتهم زورا بتهريب المخدرات، ثم يُسجن ويهرب لينتقم بشكل درامي، ورغم تميز الفيلم بأسلوبه الفني، إلا أنه يبقى حيلة سينمائية أكثر من كونه قصة متعمقة.
في سياق آخر، يعرف المخرج جيم جارموش كأحد أعمدة السينما الأمريكية المستقلة، حيث يقدم هذا العام تجربة جديدة في فيلم “Father Mother Sister Brother”، الذي يتألف من ثلاث قصص منفصلة عن زيارات يقوم بها أشقاء بالغون لآبائهم في أماكن وظروف مختلفة، ورغم أن القصة الأولى تحمل بعض العمق، إلا أن الثانية كاريكاتيرية والثالثة يتخللها الملل، مما يجعل الفيلم يفتقر للحيوية ويعاني من ضعف في التنفيذ.
وعند العودة إلى جييرمو ديل تورو، فإن أحد أسباب نجاح أفلامه المتعلقة بالوحوش هو براعته في جعل الجمهور يتعاطف مع الوحش، حيث يجسد دور الوحش النجم الصاعد جاكوب إلوردي بتألق، مما يجعل تعاطف المشاهدين ممزقاً، أما الفيلم الساحر “Rose of Nevada”، فيقدم قصة صيادين شابين يعودان إلى قريتهما الساحلية ليكتشفا أنهما عادا بالزمن إلى عام 1993، مما يضيف لمسة “خيال علمي شعبي” نادرة في السينما البريطانية.
وفي فيلم “After the Hunt”، تعود جوليا روبرتس لتظهر بأداء أكثر نضجاً وتعقيداً، حيث يقدم الفيلم إثارة نفسية وأخلاقية مبهجة، بينما يظهر الفيلم الكوري “No Other Choice” للمخرج بارك تشان ووك، حيث يجسد البطل شخصية رجل يصبح قاتلاً متسلسلاً ليحصل على وظيفة، مما يضيف لمسة من الجنون بأسلوب مميز.
وفي الفيلم “Jay Kelly”، يتعاون جورج كلوني مع المخرج نواه بومباك لتقديم كوميديا ذكية تسخر من صورة النجم المشهور، بينما يتناول فيلم “Bugonia” قصة رئيسة تنفيذية شابة يتم اختطافها، مما يعكس التعاون المميز بين إيما ستون والمخرج يورجوس لانثيموس.
يتضمن المهرجان أيضاً فيلم “Megadoc” الوثائقي من إخراج مايك فيجيس، والذي يتناول كواليس صناعة فيلم “Megalopolis” للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، بينما فيلم الافتتاح “La Grazi” من إخراج باولو سورينتينو، يتناول قرارات أخلاقية صعبة يواجهها الرئيس الإيطالي المنتهية ولايته، مما يعكس تبايناً في المستوى الدرامي والجاذبية مقارنة بأعمال سورينتينو السابقة.