
تم تحديثه الإثنين 2025/8/18 12:24 ص بتوقيت أبوظبي
عزّزت البنوك المركزية دورها كفاعل رئيسي في سوق الذهب العالمي خلال عام 2025.
وفقاً للبيانات التي كشف عنها مجلس الذهب العالمي، سجل إجمالي مشتريات البنوك في الربع الثاني من عام 2025 نحو 166 طناً، مما يمثل زيادة تفوق 41% مقارنة بالمتوسط التاريخي.
تأتي هذه الزيادة في الطلب الرسمي لتؤكد التحول السريع في سياسات الاحتياطيات العالمية، مع توجه متزايد نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.
حسب تقرير نشره موقع Discovery Alt، ارتفعت حيازات البنوك المركزية من الذهب لتتجاوز 36000 طناً، مما يعكس تحولاً هيكلياً في النظام المالي العالمي نحو صيغة متعددة الأقطاب، ويزداد هذا الاتجاه مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية والمالية، مما ساهم في دعم قوي للأسعار، خاصة مع تجاوز سعر الأوقية حاجز 3200 دولار في بعض الأسواق.
إقبال متسارع
من خلال تعزيز احتياطيات الذهب، تسعى الدول إلى التحوط من تقلبات السياسة الدولية وتداعيات العقوبات الاقتصادية، حيث يُعتبر الذهب أصلاً سيادياً لا يخضع للقرارات السياسية أو القيود المالية، وفي الوقت نفسه، تتجه اقتصادات ناشئة، مثل دول “بريكس+” ومصدّرو الطاقة، نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، حيث تخفّض بعض هذه الدول حيازاتها من الدولار بمعدل سنوي يتراوح بين 8% و12%، بينما ترفع حصة الذهب إلى ما يصل لـ30% من الاحتياطيات.
من جهة أخرى، يُعتبر الذهب خياراً مفضلاً في ظل استمرار التضخم المرتفع وضعف العوائد الحقيقية للسندات، إذ يُنظر إليه كوسيلة فعّالة للحفاظ على القوة الشرائية على المدى الطويل، بفضل أدائه التاريخي الموثوق.
تستفيد شركات التعدين ذات الكفاءة التشغيلية العالية من هذه الطفرة في الطلب، ومن بين هذه الشركات، تبرز شركة Perseus Mining، التي تتمتع بهوامش ربح قوية وسجلت إنتاجاً سنوياً يقارب 500 ألف أوقية بكلفة لا تتجاوز 1235 دولاراً للأوقية، كما برزت شركات مثل Integra Resources كنموذج للتمويل الذاتي المستدام، إلى جانب شركات تعمل في مناطق مستقرة مثل “نيفادا” و”أونتاريو”، والتي تحظى بدعم تنظيمي وبنية تحتية متطورة.
في المقابل، تواصل صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) ضخ السيولة نحو الذهب، مع تسجيل نمو بنسبة 40% على أساس سنوي، فيما تشهد الأسواق موجة من الاندماجات والاستحواذات نتيجة سعي كبار اللاعبين لتأمين احتياطيات جديدة في ظل محدودية الأصول القابلة للتطوير.
أفق جديد
من المرجح أن يستمر الطلب الرسمي على الذهب كطلب هيكلي، مدفوعاً بتغيير عميق في النظرة إلى الأصول الاحتياطية، خصوصاً في الدول الناشئة حيث لا تزال حصتها من الذهب دون المتوسط العالمي البالغ 15%، وفي هذا السياق، تعيد العديد من الدول نقل ذهبها من المخازن الغربية إلى الداخل، في مسعى لتعزيز السيادة الاقتصادية وتقليل التعرض لأنظمة مالية أجنبية.
كما تتنامى الجهود لتطوير بدائل لمراكز تسعير الذهب التقليدية عبر بورصات مثل شنغهاي وموسكو ودبي، بالتوازي مع استخدام تقنيات البلوكتشين لتعزيز الشفافية وتتبع الملكية، مما يعيد تعريف موقع الذهب في النظام النقدي “ما بعد الدولار”.
التعليقات