
مع اقتراب الذكرى الثالثة لأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، التي أدت إلى حرب عنيفة ما زالت تداعياتها مستمرة، أثارت تسجيلات صوتية لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، أهارون هاليفا، جدلاً واسعاً في الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية، حيث حمّل هاليفا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مسؤولية الإخفاقات التي شهدها ذلك اليوم، واصفاً ما حدث بأنه «فشل مؤسسي عميق» ناتج عن «مفاهيم خاطئة» تجاه حركة حماس.
وفقاً لما ذكرته صحيفة معاريف العبرية، فإن التسجيلات التي تم بثها عبر برنامج «استوديو الجمعة» على القناة 12، لم تقدم معلومات جديدة، لكنها شكلت شهادة من مسؤول كان في قلب الأحداث، لتؤكد أن الكارثة لم تكن نتيجة خطأ فردي، بل كانت نتيجة انهيار شامل في المنظومة الأمنية والسياسية، وأشار هاليفا إلى أن نتنياهو هو الوحيد الذي يرفض حتى الآن تحمل المسؤولية، على عكس كبار قادة الجيش و«الشاباك» الذين استقالوا.
وتساءلت الصحيفة عن كيفية وصول تلك التسجيلات للإعلام، وما إذا كان هاليفا على علم مسبق بنشرها، مما يعكس حالة من انعدام الثقة والصراع الداخلي بين أجهزة الأمن والسلطة السياسية في إسرائيل.
هاليفا، الذي استقال بعد الهجوم، أكد أن الاستخبارات العسكرية أجرت تحقيقات مكثفة مع أكثر من 50 مسؤولاً رفيعاً لتفكيك ما حدث وتفادي تكراره، مشيراً إلى أن «الشاباك» يتحمل مسؤولية كبيرة بسبب فشله في نقل المعلومات الحساسة القادمة من غزة.
اقرأ كمان: مجاعة غزة تدفع اليائسين لمهاجمة شاحنات الغذاء الأممية كما ذكرت نيويورك بوست
«نكبة جديدة»
في التسجيلات المسربة، أكد هاليفا أن نجاح حماس في تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر لا يعود إلى فشل استخباراتي أو ضعف في الاستجابة، بل إلى جذور أعمق تتطلب تصحيحاً شاملاً، واستعرض الأحداث التي سبقت ذلك اليوم، موضحاً أن قراره بالاستقالة جاء نتيجة للقرارات السياسية والعسكرية التي أدت إلى الهجوم، مشدداً على أن الأمر يتطلب تفكيك النظام وإعادة بنائه بشكل كامل.
وفي إحياء ذكرى حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، أشار هاليفا إلى إمكانية تكرار مثل هذه الأحداث، قائلاً: «نعم، قد يحدث مرة أخرى» وأكد على أهمية الاستعداد لذلك.
كما سرد تفاصيل حول الساعات التي سبقت هجوم حماس، مشيراً إلى تفعيل بطاقات الهواتف الخلوية من قبل عناصر حماس، مضيفاً أنه تلقى مكالمة واحدة فقط قبل الهجوم، ولم تتعلق تلك المكالمة بالبطاقات.
كل شيء تحت السيطرة!
قال هاليفا إن مساعدته أخبرته بوجود حادث، وأن القادة العسكريين المعنيين يتعاملون معه، وأكد أنه لم يتصل به أحد بعد تفعيل حماس للبطاقات، مشيراً إلى أن قائد الجيش في الجنوب كان على اتصال برئيس الشاباك، حيث أُبلغ أن «كل شيء تحت السيطرة».
واتهم هاليفا النسق الاستخباري القائم منذ سنوات بعدم القدرة على التعامل مع الوضع، مشيراً إلى أنه لم يحدث أي شيء آخر خلال الساعات التي سبقت الهجوم، وأن أي شخص يقول غير ذلك فهو كاذب.
وأكد أن الفشل في صد الهجوم لم يكن نتيجة إهمال فردي، بل كان نتيجة فشل أوسع نطاقاً، متهماً الشاباك بعدم اكتشاف الهجوم قبل وقوعه، متسائلاً عن مصير المليارات التي تُصرف عليه.
مواضيع مشابهة: موعد محاكمة المؤرخ محمد بلغيث أمام مجلس القضاء.. كل ما تحتاج معرفته
المسؤولية والخوف
بخصوص استقالته، أوضح هاليفا أنه قرر تحمل المسؤولية، مشيراً إلى أنه في مثل هذه الكوارث يجب على الجميع العودة إلى منازلهم، واصفاً الذين بقوا في مناصبهم بأنهم خائفون، مشدداً على أن هؤلاء لا يمكنهم النظر في المرآة أو إلى أطفالهم.
عند سؤاله عن مخاوفه بشأن مستقبل إسرائيل، قال هاليفا: «أمور كثيرة تُقلقني… لست قلقاً بشأن ما سيحدث بعد عام أو عامين، بل أتساءل: أي نوع من البلدان سنكون بعد 50 عاماً؟!»
نكبة كل حين وآخر
عند الحديث عن الحرب المستمرة في غزة منذ أكتوبر 2023، أشار هاليفا إلى ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، قائلاً إن «50 ألف قتيل في غزة أمر ضروري ومطلوب للأجيال القادمة»، مشيراً إلى ضرورة قتل 50 فلسطينياً مقابل كل إسرائيلي قُتل في الهجوم، معتبراً أن الفلسطينيين «بحاجة إلى نكبة بين الحين والآخر ليشعروا بالثمن».
كما أضاف أن إسرائيل تستثمر في الصراع الفلسطيني الداخلي، وأن نتنياهو هو السبب وراء الخلاف بين الضفة وغزة، لأنه لا يريد العمل مع السلطة الفلسطينية التي تحظى باعتراف دولي.
وأكد هاليفا أن القيادة العسكرية والسياسية بحاجة إلى «توفير الحماية لمواطنيها»، وأن فشلها في هذه المهمة يتطلب من المسؤولين العودة إلى منازلهم وتطهير الساحة.
«نتنياهو ترك حماس تتعاظم»
فيما يتعلق برفض نتنياهو تحمل المسؤولية، قال هاليفا إنه «قرر تعزيز مركز حماس لأسبابه الخاصة، حيث ترك قوتها تتعاظم، وكان يعلم أن مشكلة الأسرى تتفاقم، ورأى الحرم القدسي يحترق، ورأى موجات الإرهاب تتصاعد، وكان كل شيء معروفاً».
كما أشار هاليفا إلى أن نتنياهو يستند في حملته الانتخابية إلى «سردية كاذبة»، تدعي أنه لو تم إيقاظه في ليلة الهجوم لكان بالإمكان منع الكارثة، لكنه أكد أن البيانات المتاحة في ذلك الوقت لم تُظهر خطراً فورياً، وأن حتى لو اطلع نتنياهو عليها لما اتخذ قراراً مختلفاً، مما ينسف روايته ويكشفها كـ«فبركة سياسية».
بعد تسريب التسجيلات، أصدر هاليفا بياناً قال فيه: «كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول وقعت أثناء وجودي في السلطة، وأتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث»، معبراً عن أسفه لتسريب حديثه الذي كان في منتدى مغلق، مؤكداً أن ما تم تسريبه هو جزء فقط ولا يعكس الصورة الكاملة، خاصةً في القضايا المعقدة والمفصلة التي تتطلب السرية.
مواضيع مشابهة: ناشطون يسرقون تمثال ماكرون من متحف في باريس.. تعرف على التفاصيل المثيرة! (فيديو)
التعليقات