مطالب بإيقاف صيد أسماك الحريد لحماية البيئة وتعزيز السياحة المستدامة

طالب العاملون في الأنشطة السياحية والبيئية والغوص في البحر الأحمر بسرعة تنفيذ قرار محافظ البحر الأحمر بتشكيل لجنة بيئية تهدف إلى منع صيد أسماك الحريد الملونة، التي تُعتبر من الثروات البحرية الفريدة التي يتميز بها البحر الأحمر، وفي مقدمتها أسماك الحريد أو سمكة الببغاء، والتي تلعب دورًا حيويًا لا يُقدّر بثمن في الحفاظ على التوازن البيئي وصحة الشعاب المرجانية، بالإضافة إلى كونها من أبرز عوامل جذب السياح وهواة الغوص والتصوير في مواقع الغوص الممتدة من الغردقة وحتى مرسى علم، وحذر غطاسون وخبراء بيئة ومراكز غوص من خطورة استمرار صيد هذه الأنواع النادرة التي بدأت تتناقص بشكل مقلق، مما يهدد المنظومة البيئية البحرية ويعرض مستقبل السياحة البيئية في البحر الأحمر للخطر.

وأوضح الخبير والاستشاري البيئي أيمن طاهر أن سمكة الحريد تُعتبر من العناصر البيئية الأساسية، فهي تتغذى على الطحالب التي تغزو الشعاب المرجانية وتخنقها، كما تساهم في تنظيفها وتحفيز نموها من جديد، مشيرًا إلى أن السمكة الواحدة تنتج سنويًا ما يقرب من 320 كيلوجرامًا من الرمال البيضاء، مما يجعلها مساهمًا مباشرًا في تشكيل الشواطئ الرملية الطبيعية التي تميز مناطق البحر الأحمر، وهذا يمنحها قيمة تتجاوز أي اعتبارات تجارية أو غذائية.

وأكد طاهر أن ألوانها الزاهية وسلوكها الفريد تحت الماء يجعلانها من أكثر الأسماك جذبًا لهواة الغوص والتصوير، لدرجة أن وجودها في مواقع الغوص يعد مؤشرًا على صحة الشعاب وجودة الحياة البحرية، وأشار مسؤولو جمعيات حماية البيئة إلى أن سمكة الحريد تعيش غالبًا في مجموعات صغيرة فوق الشعاب والصخور المرجانية على أعماق تتراوح بين متر واحد وخمسة عشر مترًا، وتتسم بسلوك فريد حيث تصنع كيسًا من الفقاعات أثناء نومها للحماية من المفترسات، كما أن أسنانها الأمامية مدمجة بشكل يشبه منقار الببغاء وتُستخدم لكشط الطحالب وتنظيف المرجان، مما يجعلها من الأنواع التي لا يمكن تعويضها في دورة الحياة البحرية.

تزامنًا مع هذه التحركات الرسمية، أطلق عدد من مراكز الغوص في الغردقة ومرسى علم حملة شعبية للتوعية بأهمية وقف صيد وبيع وأكل سمكة الحريد، ورفعوا شعار «لا لصيد أسماك الببغاء، لا لشرائها، لا لأكلها»، مطالبين بفرض غرامات رادعة على المخالفين، وتطبيق فترات حظر صارمة لحماية هذه الأنواع خلال موسم تكاثرها.

كما طالبت الحملة بضرورة إدراج سمكة الحريد أيضًا ضمن مظلة الحماية، التي أصبحت هدفًا تجاريًا في السنوات الأخيرة رغم قيمتها العالية في التوازن البيئي البحري.

ومن المقرر أن تتولى اللجنة البيئية المشكلة بتكليف من المحافظ دراسة المقترحات العلمية والبيئية بالتنسيق مع وزارتي البيئة والزراعة، إلى جانب جمعيات الصيادين ومراكز الغوص، لوضع آليات واضحة لمنع الصيد الجائر لهذه الأنواع، وتحديد مواسم الحظر، ومناطق الحماية، ومراجعة ما يُعرض في المطاعم ومحال بيع الأسماك، مع إطلاق حملات توعية وتثقيف للصيادين والمواطنين لدعم هذا التوجه البيئي.

قال اللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر إنه تم تشكيل لجنة بيئية متخصصة لحماية عدد من الأنواع البحرية المهددة، وفي مقدمتها أسماك الحريد أو سمكة الببغاء، مؤكدًا أن الدولة لن تتأخر في اتخاذ أي خطوة تساهم في حماية مواردنا الطبيعية، وإن صوت المواطنين والمهتمين بالبيئة لا يمكن تجاهله.

وأشار المحافظ إلى أن البحر الأحمر ليس فقط رئة بيئية لمصر، بل كنز اقتصادي وسياحي عالمي، وإن إدراك هذه القيمة وضرورة حمايتها أصبح ضرورة ملحة وليس رفاهية، وأكد أن الحفاظ على أسماك الحريد والشراع وغيرها من الأنواع البيولوجية المهمة هو حماية مباشرة لصحة الشعاب المرجانية واستدامة السياحة، مشددًا على أن الحماية البيئية ليست مسؤولية الحكومة فقط، بل مسؤولية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والعاملين في المجال البحري والسياحي، لضمان ألا تتحول كنوزنا الطبيعية إلى ضحية للإهمال أو الاستنزاف قصير النظر.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *