معايير الملاءة المالية الجديدة للشركات في قطاع التمويل غير المصرفي من الرقابة المالية

أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، القرار رقم 137 لسنة 2025، والذي يتناول معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي، ويُعد هذا القرار الأول من نوعه الذي يتماشى مع المعايير الدولية «بازل 3». جاء هذا التوجه في إطار جهود الهيئة لتعزيز قوة المراكز المالية لهذه الشركات، وتحسين قدرتها على مواجهة المخاطر والاضطرابات، مما يسهم في تحقيق هدف الهيئة الرئيسي وهو الحفاظ على الاستقرار المالي للأسواق والمؤسسات المالية غير المصرفية.

وضعت الهيئة معايير الملاءة المالية لتلك الشركات، بهدف التوافق مع معايير «بازل 3» المعمول بها في القطاع المصرفي، وتعمل هذه المعايير على تعزيز قدرة شركات التمويل غير المصرفي على مواجهة المخاطر الائتمانية والتشغيلية والسوقية، مما يقلل من الآثار السلبية للتقلبات الاقتصادية، ويضمن توافر السيولة المالية اللازمة لتلبية الالتزامات على المديين القصير والطويل، مما يعزز من سلامة واستقرار القطاع المالي غير المصرفي.

وحدد مجلس إدارة الهيئة على الشركات والجهات المعنية ضرورة إجراء تطبيق تجريبي للمعايير، وتقديم تقرير تفصيلي ربع سنوي للهيئة بنتائج التطبيق اعتبارًا من أول يناير 2026، على أن تحل معايير الملاءة الجديدة محل المعايير السابقة اعتبارًا من أول يناير 2027.

كما نص القرار على التزام الشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي باتخاذ الإجراءات اللازمة للتوافق مع المعايير الجديدة، والتي تشمل إعداد خطط عمل وتوظيف وتجهيز الأنظمة الإلكترونية اللازمة، وموافاة الهيئة بالإجراءات المتخذة فورًا.

واستحدثت الهيئة معايير الملاءة المالية لنشاط التمويل متناهي الصغر، بما يتوافق مع المعايير الدولية «بازل 3»، وأدخلت تعديلات على المعايير الحالية في مجالات التمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتمويل الاستهلاكي، وتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة، حيث تم تعديل معيار كفاية رأس المال بإضافة هامش مواجهة المخاطر وهامش مواجهة التقلبات الدورية عند حساب القاعدة الرأسمالية، وذلك لأخذ تأثير التقلبات الاقتصادية بعين الاعتبار.

معيار كفاية رأس المال (Capital Adequacy Reporting) هو معيار يُستخدم لقياس قدرة الشركة على مواجهة المخاطر المرتبطة بأنشطتها، والتي تتمثل بشكل أساسي في المخاطر الائتمانية للتمويلات التي تقدمها، بينما يمثل هامش مواجهة المخاطر متطلبًا إضافيًا لرأس المال لتغطية المخاطر المحتملة، حتى وإن كانت غير متوقعة، مما يوفر وسادة أمان إضافية لمواجهة الأحداث الاستثنائية.

أما بالنسبة لهامش مواجهة التقلبات الدورية، فهو يهدف إلى ضمان أن متطلبات رأس المال تأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية الكلية، مما يقلل من التقلبات الحادة في مستويات منح التمويل، ويضمن قدرة المؤسسات المالية على تمويل الأنشطة الاقتصادية بشكل مستمر، مما يساعد في الحد من نقص الموارد التمويلية خلال الأزمات.

علاوة على ذلك، أدخل القرار تعديلات على متطلبات مخاطر التشغيل، وهي المخاطر التي قد تواجه الشركات في عملياتها اليومية، بما في ذلك خسائر ناتجة عن فشل العمليات الداخلية، أو الأخطاء البشرية، أو مشاكل الأنظمة، أو الأحداث الخارجية غير المتوقعة، بحيث تشمل كافة بنود قائمة الدخل بدلاً من الاكتفاء بنسبة من الأرباح.

كما تم تعديل نسب السيولة قصيرة الأجل، وإضافة مؤشر لقياس نسبة السيولة طويلة الأجل، لضمان قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها في الأجلين القصير والطويل، والتأكد من توازن آجال استحقاق الالتزامات والأصول.

أدخلت الهيئة أيضًا حساب المخصصات للأرصدة المُعاد جدولتها، وأدخلت تعديلات على مخاطر التركّز الفردي والقطاعي، حيث سمح القرار للشركات التي تتجاوز فيها نسب التركّز المنصوص عليها بإضافة احتساب متطلب رأس مال إضافي، مما يهدف إلى ضمان الملاءة المالية وتجنب مخاطر التركز في قطاع اقتصادي معين.

كما تم تعديل بند إعدام الديون، بحيث يُسمح للشركة بإعدام الديون وفق شروط معينة، تتضمن صدور قرار من مجلس إدارة الشركة، وتقديم مذكرة من إدارة الائتمان توضح أسباب الإعدام، بالإضافة إلى تكوين مخصص بكامل قيمة الرصيد المطلوب إعدامه، وتقديم تقرير من أحد مراقبي الحسابات المُعتمدين، مما يسهل عملية إعدام الديون بدلاً من الانتظار لمدة 18 شهرًا.

تؤكد الهيئة العامة للرقابة المالية أن إصدار معايير الملاءة المالية الجديدة يأتي في إطار استراتيجيتها الشاملة لتطوير سوق التمويل غير المصرفي، وتعزيز قدرته على النمو المستدام ومواجهة التقلبات الاقتصادية، كما تهدف الهيئة من خلال هذا القرار إلى ترسيخ أسس الانضباط المالي، وضمان سلامة المراكز المالية للشركات، مما يسهم في بناء قطاع تمويلي أكثر صلابة وكفاءة، قادر على دعم الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمار في جميع الظروف.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *