
توقعات الطلب على النفط في عام 2026، بعد صدور تقرير كل من منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية، تثير العديد من التساؤلات حول مسار الأسواق، وخاصة السوق الأمريكي، في ظل التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
لا تزال مكاسب النفط محدودة، حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية أن المعروض العالمي من النفط لعامي 2025 و2026 سيرتفع بشكل أسرع مما هو متوقع، وذلك نتيجة لزيادة إنتاج تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء آخرين، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج من خارج التحالف.
ممكن يعجبك: جهاز الإحصاء: 21.3 مليون من سكان مصر من الشباب “18-29 سنة” في 2025
كما أفادت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها عن السوق، أن الطلب على النفط سيكون أبطأ مما كان متوقعًا، مع نمو العرض خلال العام المقبل، مما يتيح للرئيس دونالد ترامب مساحة للتفاؤل بشأن التضخم، لكن مع بعض التحذيرات.
وأوضحت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لشهر أغسطس/آب أن “أسعار النفط تأثرت سلبًا بديناميكيات السوق السريعة التغير”.
وأضافت “بينما تهدد العقوبات الجديدة على روسيا وإيران بتأثيرها على تدفقات التجارة، فإن ضعف النمو الاقتصادي قد يُضعف الطلب”.
ما أهمية ذلك؟
وفقًا لما أفادت به مجلة “نيوز ويك”، فإن انخفاض أسعار النفط، التي شهدت بالفعل تراجعًا خلال الأشهر القليلة الماضية، قد يُخفف من وطأة التضخم المرتفع في الولايات المتحدة، وقد يُعوض بعض الزيادات في أسعار المستهلك المرتبطة بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.
كما يمكن أن يمهد انخفاض الضغط التضخمي الطريق لخفض أسعار الفائدة الذي يطالب به ترامب.
وسيشكل هذا ضغطًا اقتصاديًا إضافيًا على الدول المنتجة للنفط التي تعارض الولايات المتحدة، مثل إيران وروسيا وفنزويلا، وهو ما يعد إيجابيًا آخر لإدارة ترامب.
ومع ذلك، سيعاني منتجو النفط الأمريكيون أيضًا من ضغوط مالية نتيجة انخفاض الأسعار، كما أن تراجع الطلب يُشير إلى ضعف اقتصادي عالمي قد يؤثر سلبًا على الولايات المتحدة أيضًا.
ما يجب معرفته؟
ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن “أحدث البيانات تُظهر ضعف الطلب في الاقتصادات الكبرى، ومع استمرار تراجع ثقة المستهلكين، يبدو أن حدوث انتعاش كبير أمر بعيد المنال”.
من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 680 ألف برميل يوميًا في عام 2025، وبمقدار 700 ألف برميل يوميًا في عام 2026، ليصل إلى 104.4 مليون برميل يوميًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، بالرغم من الاستهلاك الأضعف من المتوقع في الصين والهند ومصر والبرازيل في الأشهر الأخيرة.
كما أضافت الوكالة أن نمو المعروض العالمي من النفط قد تم تعديله بالزيادة بمقدار 370 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 2.5 مليون برميل يوميًا هذا العام، وبمقدار 620 ألف برميل يوميًا في عام 2026 ليصل إلى 1.9 مليون برميل يوميًا، بعد أن اتفقت مجموعة أوبك+ على زيادة الإنتاج في وقت يشهد فيه الطلب انخفاضًا.
وأشارت الوكالة إلى أنه “بينما تبدو أرصدة سوق النفط أكثر تضخمًا مع تجاوز العرض المتوقع للطلب بكثير مع اقتراب نهاية العام وفي عام 2026، فإن العقوبات الإضافية المفروضة على روسيا وإيران قد تقلل من إمدادات ثالث وخامس أكبر منتجين في العالم”.
كما ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الولايات المتحدة تضغط أيضًا على كبار مشتري النفط الخام الروسي، وأبرزهم الهند، لتقليص مشترياتهم.
أوبك أكثر تفاؤلا
رفعت منظمة أوبك توقعاتها لنمو الطلب على النفط في عام 2026 إلى 1.4 مليون برميل يوميًا، بزيادة 100 ألف برميل يوميًا عن التوقعات السابقة، نظرًا لقوة النشاط الاقتصادي، حسبما ورد في تقريرها الشهري الصادر في وقت سابق من هذا الأسبوع.
من المرجح أن يستفيد تحالف أوبك بلس من قراره بإعطاء الأولوية لاستعادة حصته في سوق النفط على حساب استقرار الأسعار، رغم الضغوط الاقتصادية في البداية، إذ يأمل أعضاء التحالف في استعادة الحصة السوقية التي تنازلوا عنها لصالح منتجي النفط الصخري الأمريكي والمنافسين الآخرين، ويبدو أنهم بدأوا ينجحون في ذلك بالفعل، فمن المتوقع أن يتراجع نمو إمدادات النفط من الدول المنتجة من خارج الأوبك بأكثر من 80% حتى عام 2027.
تأتي هذه الزيادة وسط ضغوط دبلوماسية متزايدة؛ إذ هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية ثانوية تستهدف عملاء النفط الروسي ما لم يحدث وقف سريع لإطلاق النار في الحرب في أوكرانيا، وفقًا لما ذكرته بلومبرغ، وقد يؤدي أي اضطراب كبير في الإمدادات الروسية إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية.
من جانبه، فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على واردات المنتجات النفطية المكررة من النفط الخام الروسي اعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2026.
كما سيحدد سقفًا أدنى لسعر النفط الروسي اعتبارًا من 3 سبتمبر/أيلول كجزء من حزمة العقوبات الثامنة عشرة المفروضة على موسكو.
وأضافت وكالة الطاقة الدولية “في المقابل، خُففت القيود المفروضة على فنزويلا مع حصول شركة شيفرون مؤخرًا على ترخيص جديد لتشغيل وتصدير النفط”.
مقال مقترح: تعاون طحنون بن زايد مع مستشار البيت الأبيض لتعزيز شراكة الذكاء الاصطناعي
وتابعت الوكالة “بينما لا يزال من السابق لأوانه تحديد نتائج هذه التغييرات الأخيرة في السياسات، فمن الواضح أن السوق بحاجة إلى بعض التنازلات لتحقيق التوازن”.
تُظهر أحدث البيانات الفيدرالية أن التضخم الأمريكي ظل مستقرًا نسبيًا في يوليو/تموز، متحديًا المخاوف من ارتفاع حاد في أسعار المستهلك بسبب الرسوم الجمركية، وهو ما يعد خبرًا سارًا لترامب، الذي يضغط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
وانخفضت أسعار الغاز في الولايات المتحدة بنسبة 2.2% من يونيو/حزيران إلى يوليو/تموز، وانخفضت بنسبة 9.5% مقارنة بالعام السابق، وفقًا لتقرير حكومي.
أسعار النفط اليوم
ارتفعت أسعار النفط اليوم الخميس، وسط تقييم المستثمرين لتأثير القمة الأمريكية الروسية بشأن أوكرانيا، المقرر عقدها غدًا الجمعة، على تدفقات الخام الروسي مع احتمالية فرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط من موسكو، لكن توقعات وفرة المعروض حدت من المكاسب.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 45 سنتًا أو 0.7% إلى 66.08 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:31 بتوقيت أبوظبي، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 44 سنتًا أو 0.7% إلى 63.09 دولار
وسجل كل من العقدين أدنى مستوى له في شهرين أمس الأربعاء بعد توقعات تتعلق بالإمدادات صدرت عن الحكومة الأمريكية ووكالة الطاقة الدولية.
كما هدد ترامب أمس الأربعاء “بعواقب وخيمة” إذا لم يوافق بوتين على التوصل لسلام في أوكرانيا، ولم يحدد ترامب ما هي هذه العواقب، لكنه يحذر من عقوبات اقتصادية إذا لم يسفر اجتماع ألاسكا غدًا الجمعة عن نتائج.
وقالت شركة ريستاد إنرجي في مذكرة للعملاء “لا تزال حالة عدم اليقين التي تكتنف محادثات السلام بين الولايات المتحدة وروسيا تضيف علاوة مخاطر صعودية نظرًا لأن مشتري النفط الروسي قد يواجهون المزيد من الضغوط الاقتصادية”.
وتتلقى أسعار النفط دعمًا آخر من توقعات شبه مؤكدة بخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لأسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول بعد ارتفاع التضخم الأمريكي بشكل طفيف في يوليو/تموز.
وقد يؤدي انخفاض معدلات الاقتراض إلى زيادة الطلب على النفط.
كما ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس الأربعاء أن مخزونات النفط الخام زادت بشكل مفاجئ بثلاثة ملايين برميل إلى 426.7 مليون في الأسبوع المنتهي في الثامن من أغسطس/آب، مما حد من مكاسب النفط.
التعليقات